Saturday, July 28, 2012

الرقصة العادلة




الرقصة العادلة

الزمن انعكاسياً هو اقرب شيء الى الموت الآن بحيث يصبح الماضي هو آخر ما سيحدث لي وبحيث لا يصبح من المستحيل ركل لحظة الولادة والعبور منها للعين، لكن المستحيل هو تحريف لحظة الموت بالسباحة فيها مثل دلافين صماء معمعمة بالخروج .الموت هو الذاكرة واعني الحية والميتة، ولكن ذلك هو ذلك فقط، مجرد تعمية حرفية. إن العبور على جثتنا هو الأجدر بالنظر، وهذا يتضمن تعفناً عفناً جداً، يتضمن الركود والآمال البلهاء التي تغري شعباً كاملاً بشيء يجعله يستيقظ كل صباح؛ كم يشبه ذلك معجزة المعجزات! إن اللحظة التي نختار فيها الخروج من الحدث إلى الخبرة تمثل رسماً بيانياً لتذبذب قطبي الموت على ورقة الحياة لترسم هيكل احتمالات كبيرة مكونة من عظتين فقط الجِلد المصلوب على العدم، والحلول الأسهل من ذلك بما فيها الكتابة. ان المواجهة مع الموت اشعار كاذب من حيث احداثيات تبليغه ليس لأن الموت هو التجربة المصمتة والتي لا ينفع عكسها عبر اي مرآة، ولكن لأنه التجربة بكلياتها بحيث لا يسمح لأي غواية بامتلاكها ناهيك عن التحديق فيها. كافة العيون التي استعصمت بالرعب وتلته تلاوة الوحي لم تدعي خلاف التدويم في الموت وليس ابداً الهطول عليه. الكلام على ترددات الموت هو شيء آخر طبعاً. بالنسبة لي، وهذا طبعاً ايضاً شيء خارجي جداً، فإن الموت هو التكرار، الايقاع، الضجر، التدوير، الرهط، البيت، أو التعلق كفاية بما هو ليس بكافٍ ابداً.  النظر الى الموت يجب ان يكون رقصة عادلة يمتص فيها الذهن جدارايته المعقدة البديعة ويمتص فيها الايقاع ايقاعه ليكون من الممكن العثور على روح، أو على رائحة روح . قلت للنشادر انني سأكتب عن الموت وانتبهت لاحقاً إلى موضوع المواجهة وعرفت ان اللعبة ان كان ثمة واحدة هي هذه المواجهة و باختصار الخبرة او الظل المتروك بين التعيين والمرواغة وبين الانطعان نفسه. المواجهة تقتضي اطرافا على الاقل طرفين وهي تتضمن الشجاعة الكافية لادارة الظهر للعدو والذي هو الحياة لمناكفة البساطة التي هي الموت. اضع نصب عيني كم هو بسيط في معناه ومن حيث هو حلا سهلا لكل مستقبل فليس ثمة ما يجاري الموت في الفعالية والتظبيط. الموت هو المعمار المخدوم بالفكرة وبالهندسة وبظلال الهشاشة الصلدة ومثل اسطورة شخصية يجب اعتناقه وليس كاي شيء آخر ؛ منظومة آحادية ارسالية لا تجوع. انني هنا ازواج بينه وبين الشعر وبكثير الأسى اشعر انه منتصر وعلى وجه الدقة منتصر وحيد ونهائي ما يجعله في هذه الحال مجرد محدودية وربما ارواء. اقترب من الموت آيروسياً في اللغة وهي الغرفة الوحيدة المختنقة بما يكفي لتظهير صورته الهاربة.انها القوقعة الجرائمية اللغة و المحيط الذي يمتد من وراء ذلك يقعى الخيال بانتظار ولو مجرد إقمار متسارع ينهي استبساله وحمولته الشكية. الكتابة نوع من هذا الاقمار الجيوشي المتنازع ولذلك تكون في احيان كثيرة محط الأموات وحياتهم. الكتاب موتى يبالغون؛ ربما المبالغة هي الطريق الأقصر لوضع ايدينا على ذواتنا الميتة زمانيا المبالغة والتسريع والتجويع والنهم الى تعرجات الذروة الباطشة. ان اكثر ما يفاجئني بالنظر الى الموت - من اي نقطة - كونه خال كليا من عنصر المفاجأة  ومفتقرا بائسا الى الاستقلال واللانسقية الضروريان للكيانات الغامضة والمؤسطرة. انه شيء مكرر الاشارة الى الموت كشيء بدئي كاظلام كوناني تنبثق منه احتمالات تعاكسه لتظهر فداحته. لكن الموت بعد ذلك علق يمتص حياته من الحياة  داهسا احتمالاتها المرة وراء المرة ليظهر فرادته وثباته ولذلك فهو مضجر مثل اي سوء فهم لا يد لنا فيه.  لنقل اننا نتحدث عن مفهومين متباينين : مفهوم الموت ومفهوم الموت كحادثة ولكن ذلك لا يسعف المسألة الا من حيث ان تجريد الموت او تمثله قد يقودان الى نهايتين انفجاريتين لقنبلة واحدة هي الايقاع. الموت هو استقبال حافل للحياة ولكنه استقبال متأخر واختزالي الى درجة نهائية في حين ان الحياة نفسها اسلوب استدباري حافل ايضا تحدوه الاحتمالات ويكمله الشغف الى المطلق  وفي كلا الحالين تتوسط الموت والحياة نقطة غالية محفوفة بهما منسوجة بجدارة من نفسها ومحمية منها النقطة التي يتبادلان فيها النظر نقطة التحديق والمواربة والجهل وبالأخص الاحتقان.


No comments:

Post a Comment